قصة 6 : سكة الحديد والصندوق التركي .

بسم الله الرحمن الرحيم

سكة الحديد والصندوق التركي .

على لسان راوي القصه يقول :

من اكثر الامور التي تجعلني اشعر بالراحه والتأمل هي وجودي بالقرب من سكة الحديد العثمانيه ومشاهدة ما خلفه الاتراك في بلادنا العربيه , كنت امضي الكثير من الوقت عند سكة الحديد أحيانا كثيره للتنزه برفقة زوجتي أو اصدقائي لما يتركه وجودي قرب السكه من طمأنينه وراحة بال في داخلي , وأحيانا اخرى كنت أتي اليها للبحث عن الاشارات التركيه التي تدل على الكنوز والدفائن العثمانيه وقد صادفت الكثير الكثير منها وأحفظ اماكنها جيدا , حيث كنت اقوم بتصوير كل ما اراه , كنت اعشق موضوع البحث عن الكنوز والدفائن وخصوصا التركيه لانها حسب ثقافتنا ومعلوماتنا غير مرصوده , وعمق الدفين ليس بالكبير فلا يتجاوز المترين حسب ما كنت اعتقد , ولكني في الحقيقه كنت كسول جدا على الرغم من تعلقي بهذا الموضوع كنت نادرا ما اقوم بالحفر وعدا الكسل كانت الانظار كلها حول سكة الحديد فكل من يقترب منها فهو محل للشك والريبه واي انسان يقوم بالحفر بقربها كانت تأتي اليه الشرطه سريعا , اما من قبل بعض الحساد الذين يشون بالباحثين هاتفيا , او لان الدوله كانت تكثف المراقبه على السكه خوفا من التخريب وكثر العبث بها .

بدأت قصتي في احد الايام عندما اتى الى منزلي احد الاصدقاء لنسهر سويا كالعاده واثناء تبادل الحديث ذكرنا موضوع السكه والدفائن التركيه وتحدثنا عن بعض الاشارات من ضمنها استراحه تركيه للقطار بجوار السكه وهي غرفتين من الحجر وبجوارها العديد من الاشارات تم العبث بمعضمها من قبل الهواة والباحثين عن الكنوز ومن ضمن الاشارات البارزه هناك العديد من الطلقات النافذه من السكه والاعمده الحجريه وثلاث نخلات مرسومه فوق باب احد الغرفتين احدى هذه النخلات في داخلها بصمه او اثر لرصاصه وبالقرب من الغرفتين ايضا بمسافه لا تتجاوز ال100 متر يوجد عباره فيها العديد من الاشارات حيث في داخلها يوجد جرنين متجهين الى الاسفل وعلى ظهرها فوق السكه يوجد عارضه خشبيه لم يسبق لي ان شاهدت مثلها على السكه كما يوجد طلقه نافذه فوقها ايضا وعدة ظربات على قضبان السكه , اخذنا الحديث طويلا بالتعجب والتطرق لقصد الاتراك من هذه الاشارات وما الغايه من تجمعها في مكان واحد أهي للتمويه فقط ام هي احجيه او جزء من خارطه تركيه تتطلب القياسات الدقيقه ومعرفه بالزوايا والاتجاهات والظلال بعد حديث طويل ومتعه واثاره يشعر بها الباحث والهاوي عند فتح هذه المواضيع قررنا الخروج الى الميدان ومعاينتها ثانية في يوم اخر وان نجرب حظنا ونقوم بالحفر استنادا الى اجتهاد شخصي بالتحليل وعباره كنا نرددها كثيرا " الاتراك ليسوا اذكى منا " تم تحديد موعد للخروج في احد ايام عطلة نهاية الاسبوع واتفقنا على كل التفاصيل من الوقت ووسيلة النقل وعدة الحفر التي سوف نحضرها , وطبعا كيس من الخيش كنا دائما نحظره معنا متفائلين بأننا سنقوم بملئه بالذهب التركي ولكن منذ سنوات والكيس يذهب ويعود معنا فارغا .

وفي اليوم المحدد خرجنا كلينا الى ذلك الموقع في الصباح وعند وصولنا جلسنا قرب السكه واعددنا الفطور الذي كنا قد جلبناه معنا واعددنا ابريق من الشاي , وجلسنا قليلا ننظر ونتأمل بالمكان بشكل عام ونتبادل الاراء والمقترحات وكان يوما رائعا مشجعا للتنزه , وبعد تناول الفطور واحتساء الشاي تفقدنا المكان عن كثب واحصينا الاشارات الموجوده في المكان والدلالات التي قد تكون مرتبطه بها مثل الاشجار المعمره القديمه والجبال المقابله وطريق انسحاب الاتراك والاتجاهات التي سلكوها وبعد بحث مستفيض واختلاف في الرأي احيانا قررنا الحفر بجوار الغرفتين التين كانتا استراحه للقطار حيث كانت هنالك طلقه نافذه بميلان الى الاسفل قمنا بوضع خيط فيها وتتبعنا الميلان الى ان ارتطم بالارض وهذه نقطة الصفر التي حددناها باجتهادنا حيث للصدفه كان هنالك اثر لقاعدة عمود اسمنتي عند نهاية الخيط لم نراها من قبل , فتشجعنا اكثر وكان هنالك ايضا في جدار الغرفه  وبجوار النقطه التي حددناها ما يشبه الجرن الجانبي يتجه بميلانه اليها وفي داخله قطعة حديد معقوفه تشبه مربط الفرس , تحمسنا كثيرا للحفر في هذا المكان حيث لم يكن محفورا من قبل لان اكثر النقاط التي شككنا بها سابقا كان قد تم العبث بها وحفرها من قبل بعض الهواة والباحثين عن الكنوز . كنا فرحين كثيرا ومتفائلين بأننا اخيرا سنجد دفين تركي وصناديق الذهب التي قضينا عمرنا نحلم بها طبعا النقطه التي حددناها تبعد عن السكه 4,5متر وعن استراحه القطار 3متر , قررنا مغادرة المكان والعوده الى منازلنا  لكي لا نجلب الشبهه حيث كان هنالك العديد من رعاة الاغنام وعمال المزارع , وقررنا ان نعود في الليل وبعد اذان العشاء بساعه بالتحديد .

وفي المساء وفي الوقت المحدد بيننا التقينا وخرجنا الى المكان واحضرنا اثنين اخرين من اصدقائنا لمساعدتنا في الحفر ولننجز العمل بسرعه قبل ان يلتفت الينا احد , قمنا بركن سياراتنا بعيدا عن المكان وعلى شارع رئيسي يبعد عن المكان مسافة 500متر واتينا سيرا على الاقدام حاملين معنا ادوات الحفر  وفور وصولنا بدأنا الحفر مباشرة دون انتظار وكان الحفر بالتناوب بيننا بنظام الازواج واحد يقوم بالحفر والثاني يخرج التراب والاثنين الاخرين مرتاحين ويراقبون المكان ويتم التبديل فيما بيننا عند الشعور بالتعب , كان المساء هادئا والتربه ساعدتنا على الحفر وكان فيها الكثير من قطع الفحم الصغيره وبالفعل عملنا بجد ومعنويه عاليه لمدة اربع ساعات تقريبا كنا قد حفرنا فيها حفره مربعه بعمق مترين وعرض متر ونصف , وهنا المفاجاه فعند الوصول لعمق مترين تقريبا ظهر علينا في احد الجوانب مقبض لصندوق حديدي وبعد التنظيف ظهر جانب الصندوق احتبست انفاسنا واذكر اني بالكاد استطيع ان اتنفس من الفرحه والمفاجأه وقمت بالقفز هنا وهناك بدون وعي بتصرفاتي نزلنا جميعا الى الحفره واخذنا بالحفر باتجاه الصندوق وبالفعل نظفنا ما حوله وكان الحفر سريعا جدا , وعندما اكتملت معالمه اخرجناه من الحفره وكان ثقيلا جدا بشكل لا يوصف فبالكاد استطعنا الاربعه اخراجه ولو كنا اثنين لما استطعنا  كان صدئا جدا ومكانه بقي واضح بالحفره حيث الصدأ ملتصق بالجوانب , وعندما اخرجناه ووضعناه جانبا كان منظره مهولا بالنسبه لنا وكل احلام الدنيا قفزت الى اذهاننا والكل ينظر الى الاخر حيث كان صندوق كبير والحديد المصنوع منه سميك جدا وعليه قفل حديدي كبير وصدء وكان بطول 120سم وارتفاع 40سم , واكثر شيئ اذهب عقولنا هو صوت عمله معدنيه في داخله عندما اخرجناه وكل اعتقادنا انها ذهب . لو ان السياره قريبه كنا نريد حمله وفتحه في احد بيوتنا , ولكن وزنه كان ثقيلا والسياره بعيده فقررنا كسر القفل وفتحه في المكان بجوار الحفره .

‪

وبالفعل بدأنا بظرب القفل ومحاولة خلعه حيث كان صلبا جدا وكبيرا وفي النهايه تمكنا من ذلك بعد حوالي 15 دقيقه من المحاوله لاننا كنا خائفين ان يأتي الينا احد من صوت الظرب على الحديد لانه كان مرتفعا جدا بعدها تقدمنا لفتح الصندوق واذكر اننا الاربعه معا وضعنا ايدينا لفتحه حيث كان ملتصقا قليلا من الصدأ وبعد فتح الصندوق كان هذا اكثر موقف احبطني في حياتي لانه كان مليئ بالمسامير والصواميل والرونديلات والقطع الحديديه الصدأه التي كانت تستعمل في بناء السكه وترميمها , افرغنا المحتويات كلها على الارض ولم يكن هنالك اي شيئ ثمين ابداا , حملنا الصندوق معنا واخذنا جزء صغير من محتوياته للذكرى وعدنا الى السياره كنا محبطين جدا ويبدوا ان تعب الحفر كله قد ظهر علينا لاننا لم نكن نشعر بشيئ من كثر الفرحه . عاد كل منا الى بيته وضحكت انا وصديقي على عبارة " الاتراك مش اذكى منا " حيث قال لي والله طلعوا اذكى منا بالف مره , تجربه لا تخلو من المراره ولكن ما يعزينا اننا وجدنا شيئ ما على الاقل , وحفرنا في نقطه اقرب ما تكون الى الصحه , نسأل الله ان يرزقنا وإياكم الرزق الحلال .

يمنع نسخ القصص الوارده في المدونه ( جميع الحقوق محفوظه)
http://www.gold-treasures-stories.blogspot.com/
يمكنك الاشاره الى رابط المشاركه وليس النسخ الحرفي للنص