بسم الله الرحمن الرحيم
على لسان راوي القصة يقول :-
والدي رجل كبير في السن وهو منذ شبابه وهو مهووس بالبحث عن الدفائن والكنوز والآثار والتحف الأثرية , وقد مر بكثير من الاحداث المشوقه والغريبه اثناء سنين عمره الطويله ومشوار بحثه عن الكنوز , فقد جرب كل ما يمكن تجربته في هذا المجال من تحليل اشارات واجهزة كشف المعادن , وحتى الحفر العشوائي في اماكن متعدده , ونبش القبور القديمه , ولكن لم يشئ الله ان يرزق بشيء من باطن الارض فكل محاولاته لم تفلح , ولكن عيب والدي وأسأل الله له الهدايه ولجميع المسلمين انه يؤمن بالسحره والدجالين والمشعوذين ومن يدعي انه شيخ ولا حرج عنده بالاستعانة بهؤلاء المشركين بالله , نسأل الله المغفره لنا جميعا , لان آبائنا واجدادنا غير متصورين لحرمة ذلك لعدم ثقافتهم وجهلهم ببعض امور الدين , حيث عندما تنصحهم يثورون بك غاضبين مستشهدين ان بعض هؤلاء يستعمل آيات من كتاب الله , وهذا ما يظهره بعض هؤلاء السحره والكذابين للاستخفاف بعقول الناس وإيهامهم بان ما يقوم به من الدين وغير محرم شرعا .
تدور احداث هذه القصه في منزلنا ولقد شهدتها بام عيني حيث وفي احد الأيام جاء شخص الى والدي وقال له بانه يعرف شيخ مغربي قوي جدا ويكشف ما تحت الارض ويستطيع سحب الكنوز وما الى ذلك من الخوارق التي يصدقها عامة الناس , ( وهنا لابد ان اعتذر من اهل المغرب فهم من احسن الشعوب العربيه في الخلق والدين , ولكن عندنا في بلاد الشام هنالك خرافه يؤمن بها الكثيرون ان اي شيخ من المغرب هو بالضروره شيخ قوي ويملك الكثير من الخوارق لذلك معظم هؤلاء السحره والمشعوذين ينسب نفسه للمغرب ويضيف كلمة المغربي بعد اسمه ليقنع الناس بقوته وامكاناته , واهل المغرب الطيبين براء من هؤلاء السحره والمشركين بالله .) وبالفعل تحمس والدي لهذه الفكره وطلب من صديقه هذا ان ينسق موعد مع الشيخ المغربي ويحظره الى منزلنا من اجل ان يقوم بالكشف على أرضنا ومساعدتنا على اخراج ما بها من كنوز ودفائن , حيث هنالك بعض الاشارات الحفر والنفر وبعض الجرون التي توحي بان حضاره سابقه قد سكنت هذا المكان , وهذا ما حدث بالفعل حيث جاء الشيخ الينا في احد الايام ومعه شخص اخر , وسبحان الله هؤلاء اشكالهم وطريقة لباسهم منفره وتوحي الى حجم الضلال والبعد عن الله الذي هم فيه , جلس الشيخ عندنا واكرمه والدي وقام بواجبه من حسن ضيافه وتحضير طعام الغداء , بعدها بدأ والدي بالحديث وبين له انه يشك انه في ارضنا الكثير من الكنوز والدفائن لما فيها من اشارات حفر ونفر وجرون ومظاهر حظاره , واراد والدي ان يأخذ الشيخ الى هذه الاشارات لكي يريه اياها ولكن الشيخ رفض وابتسم ابتسامة الواثق من نفسه وقال لوالدي لا داعي ان اراها اذا كان هنالك شيء سأقوم بالكشف الان واخبرك عنه دون ان اقوم من مكاني , حينها ابتدأ المشوار فقد طلب منا ان نحظر له اناء فيه زيت زيتون , وان نحظر له اناء اخر فيه اما قمح او شعير او ارز بقدر حفنة اليد وان نحظر له قطعة قماش او رداء اخضر اللون وبالفعل احضرنا له كل ما قام بطلبه ووضعه امامه وهو جالس في الغرفه وطلب منا ان لا نتحدث بشيء ولا كلمه ولا نفتح شفاهنا اثناء عمله الى ان ينهي ويأذن لنا بالحديث .
بعدها قام الشيخ بالقراءة والتمتمه الغير مفهومه على زيت الزيتون والنفخ فيه لما يقارب العشر دقائق وقام بتغطيته بالقماشه الخضراء ووضع يده عليها وبدأ يتمتم بعبارات واسماء غير مفهومه واصبح اناء الزيت وكانه يهتز تحت يده وكأننا نسمع صوت غليان الزيت مثل غليان الماء تحت يده , شعرنا برعب شديد في في داخلنا وطمع بنفس الوقت ان هذا الشيخ له قدرات عجيبه , واثناء غليان الزيت واهتزازه تحت القماش الاخضر , اخذ الشيخ الاناء اللذي فيه ارز وقام بنثر الارز داخل الغرفه بشكل عشوائي وطلب منا ان نغمض اعيننا , وبالفعل اغمضنا اعيننا لمدة دقيقه وطلب منا ان نفتح اعيننا واذا بالارز الذي قام بنثره قبل قليل في كل ارجاء الغرفه يتجمع بنقطه واحده بالقرب من احد زوايا البيت , شعرنا بالذهول الشديد كيف حصل ذلك , وطلب منا الشيخ القوف بالاشاره طبعا حيث كان يؤشر لنا ان لا نتحدث او نفتح افواهنا بشيء واتجهنا الى مكان تجمع الارز في زاوية الغرفه , وعند وصولنا اليه كان يهتز اهتزاز خفيف ويشبه كوم النمل في حركته حمله الشيخ بيده وارجعه الى الاناء , عندها اذن لنا بالحديث وقال ابشروا هنالك شيء ثمين جدا وسيقوم بسحبه من نفس المكان الذي تجمع فيه الارز حيث طلب منا ان نحظر له مفك وازميل ومطرقه من اجل ان يقوم بخلع البلاطات التي تجمع فوقها الارز وبالفعل احظرنا له ما طلب وقام بتكسير اربع بلاطات وخلعها من مكانها في ارضية الغرفه , وطلب منا ان لا نتحدث ثانية الى حين ان ينتهي وقام باحضار اناء الزيت وسكبه على مكان البلاطات التي قام باقتلاعها وكان لون الزيت قد تغير فكان مائلا الى الاحمر قليلا . كل ذلك ونحن نشاهد بصمت واحضر القماشه الخضراء التي كان يغطي بها الزيت وقام بوضعها فوق المكان وبدأ بالقراءه والتمتمه مره اخرى ولكن هذه المره احسست بانه مرهق جدا وقد بدأ العرق يتصبب منه واحسست بان اعصابه كلها مشدوده وعينيه قد اتسعت وهو مستغرق بالقراءه وقد استغرق اكثر من خمسة عشر دقيقه في ذلك الى حين ان بدأت القماشه الخضراء ترتفع من الوسط على شكل قبه صغيره . توقف وكأنه احس بالراحه واعصابه قد هدأت , وقال الان تكلموا بما تريدون وطلب من والدي ان يقوم برفع القماشه وقد اقدم والدي عليها وهو خائف قليلا وعندما قام برفعها , تفاجأنا جميعا بان الزيت الذي قام بسكبه لا اثر له نهائيا وانه توجد زجاجه يبدو انها قديمه جداا جداا والتراب عليها وهي بحجم علبة السجائر ولكن اسطوانية الشكل وبداخلها ما يشبه السائل الابيض بلون الحليب وذو قوام لزج نوعا ما عندما تقوم بتحريك الزجاجه فهو لا يتحرك بسرعه من جهه لاخرى والغريب بهذه الزجاجه انه لا يوجد مكان او سداده لفتحها بل كانت مغلقه من كل الاتجاهات .
عدنا كل الى مكانه وجلس الشيخ وجلسنا حواله ووالدي ممسك بالزجاجه وبدأنا نوجه له الاسئله عن ماهية هذه الزجاجه واين الكنز والدفين الثمين الذي وعدنا به , فقال لنا ان هذه الزجاجه هي اثمن كنز وهي اثمن من صناديق الذهب والفضه , وأنها نادرة الوجود في العالم واننا من المحظوظين جدا وتساوي ملايين الدولارات , وطلب من والدي ان يحتفظ بها وان لا يعرظها للضوء ابدا بل يلفها بالقماش الاخضر ويخبئها , الى حين ان يجد الشيخ شخصا يشتريها بالمبلغ الذي تستحقه , وعندما اكثرنا عليه الاسئله عن ماذا تحتويه هذه الزجاجه وما هو السائل اللذي بداخلها , قال هذه من اثمن المواد بالعالم وتستخدم لسحب الكنوز , ولسحب الاموال من المصارف والبنوك حتى , ولكنه يفضل ان نبيعها لان هناك من يشتريها بملايين الدولارات على حد قوله وانه هو من سيقوم بايجاد هذا المشتري باسرع وقت وتقاسم ثمنها بيننا وبينه , وطلب منا ان نبقي هذا الموضوع سرا وان لا نريها لاحد الى حين بيعها , توالت الايام الى ما يقارب الشهر والشيخ يتصل بنا باستمرار ويقول انه وجد من يشتري ولكن ليس بالسعر الذي يريده وطلب منا التريث والانتظار , وبعد مرور شهر اخر لم يجد من يشتريها ايضا ولقد جاء الى منزلنا مره اخرى وقال لوالدي انهم يدفعون سعر لا يليق بقيمة الزجاجه , وان الشيخ قرر ان يكسرها ويستعمل السائل الذي بداخلها في سحب الدولارات من البنوك الاوروبيه !! وليس من البنوك في الدول المسلمه وافق والدي طبعا وكان متحمس جدا للفكره حدد الشيخ موعد لذلك ولكن ليس في بيتنا هذه المره بل طلب من والدي ان يحظر الزجاجه ويأتي اليه في شقه كان قد استأجرها بالعاصمه وطلب من والدي ان يحظر معه باص ركوب صغير لكي يقوم بتحميله بنصيبه من الاموال التي سيسحبها في تلك الليله !! وفي الموعد المحدد ذهب والدي لوحده الى تلك الشقه ويروي لنا ما حصل هناك قال دخلت الى الشقه واذا بالشيخ المغربي موجود ومعه شخص اخر فقط وكان قد حظر كل شيء امامه من اواني وحقائب فارغه وبخور ودخان وما الى ذلك واعطاه والدي الزجاجه وقام بكسرها وسكب ما في داخلها امامه في اناء قد حظره مسبقا وبدأ بالقراءه والتمتمه وكان قد نبهنا انه سيقوم باطفاء ضوء الغرفه في منتصف القراءه وبالفعل قام بذلك واصبحت الغرفه مظلمه جدا ولا نسمع سوى قراءة الشيخ والدخان بدأ يملأ الغرفه وبعدها بفتره وجيزه احس والدي بان هنالك العديد من الاوراق تتساقط بشكل كثيف من سقف الغرفه انهى الشيخ طقوسه تلك وقام بتشغيل الضوء يقول والدي بانه ذهل وطار عقله عندما رأى الغرفه مليئه بالدولارات منها ما هو على شكل رزم كبيره مثل التي بالبنوك ومنها ما هو بشكل عشوائي , يقول والدي لا اراديا وبدون اذن من الشيخ قمت امسك بها واتحسسها واشمها واذا بها حقيقيه 100% والغرفه ممتلئه بها , ضحك الشيخ وقال ان كل هذا لا شيء فهنالك المزيد من الملايين القادمه ولكنه لم يستطع ان يكمل اليوم , وطلب مني الجلوس مكاني وطلب من صاحبه ان يضع هذه الدولارات داخل الحقائب وبالفعل قام صاحبه بوضعها واذا بها 9 حقائب سفر كبيره مليئه بالدولارات وقد استغرق وقتا طويلا وهو يقوم بترتيبها ووالدي جالس منتشي من الفرحه يكاد يصعق من هول ما رأى وبعد ان انهى واغلق الحقائب قال له الشيخ بان هذا المال يحتاج الى تثبيت لمدة شهر على الاقل ولا يصح فتح الحقائب او استعماله قبل هذه الفتره والا تحولت الدولارات الى مجرد اوراق بيضاء وهذا التثبيت يحتاج بعض البخور الذي سيقوم الشيخ بشرائه على حسابه واستعماله في التثبيت على حد قوله , واثناء الحديث رفع الشيخ قدمه واذا بمئة دولار تحت قدمه فضحك وقال هذه نسينا ان نضعها في الحقيبه وقال لي بانه سيقوم بالقراءه عليها وتثبيتها الان وبدأ يقرأ على المئة دولار واعطاها لوالدي وقال له هذه بامكانك استعمالها بعد ان تخرج لاني قمت بتثبيتها كونه مبلغ صغير ولكن الحقائب تحتاج الى بخور واعطى والدي خمس حقائب وطلب منه ان لا يفتحها ابدا والا فسد العمل كله وطلب منه ان يخفيها في منزلنا الى حين تثبيتها , وعند خروج والدي حمل الحقائب ووضعها معه وعند اول محل صرافه نزل ليتأكد من المئة دولار التي اعطاها اياه الشيخ وبالفعل قبلها محل الصرافه واشترى بها والدي ما يريد فيما بعد , عند ذلك اقتنع والدي 100% ان هذه الاموال التي في الحقائب معه صحيحه وعاد الى المنزل واخفى الحقائب في غرفته واغلقها واحظر قفل اخر واقفلها به وطلب منا ان لا ندخلها قبل شهر لكي يقوم الشيخ بالتثبيت , وبعد اسبوعين تقريبا اتصل الشيخ بوالدي وقال له انه احظر البخور ولكنه غالي الثمن جدا وانه نقص عليه مبلغ من المال لكي يكمل ثمنه وطلب من والدي ان يحظر له 42 الف دولار ليكمل ثمن البخور وانه ان لم يستطيعوا شراء البخور وتثبيت الاموال قبل مرور شهر سيفسد العمل , ارتبك والدي و لم يكن والدي يملك هذا المبلغ ولكن طمعه الشديد وثقته العمياء بالشيخ دفعته الى محاولة تأمين المبلغ لكي لا تضيع الخمس حقائب من الدولارات , وبالفعل باع والدي ذهب والدتي ومصاغها وحاول تأمين جزء من المبلغ ولكن جل ما استطاع جمعه هو حوالي 7 الاف دولار بعد عناء ومحاولة اقتراض من اصدقائه , وحاول والدي بيع منزلنا وقطعة الارض لكي يكمل المبلغ ولكن الحمدلله لم نجد احد يرغب بالشراء اقترب الموعد وعاود الشيخ الاتصال وقال له والدي بانه عجز عن تأمين المبلغ ولا يملك سوى سبعة الاف دولار , وعند يأس الشيخ طلب من والدي ان يحظر له السبعة الاف وانه سيكمل الباقي هو , وبالفعل اخذ والدي المبلغ واعطاه للشيخ وقال له الشيخ بانه في غضون ثلاثة ايام سينهي التثبيت وبامكان والدي فتح الحقائب والتصرف بالاموال , عاد والدي فرحا جدا ولم يستطع النوم طول تلك المده وعينه لا تفارق الغرفه التي اخفى فيها الحقائب , وبعد ثلاثة ايام اراد والدي ان يتصل على الشيخ لكي يطمئن قلبه انه يستطيع فتح الحقائب والتصرف بالمبلغ , ولكن هاتف الشيخ كان مغلق او خارج الخدمه تابع والدي الاتصال ليومين ولكن نفس النتيجه مغلق او خارج الخدمه , رفض والدي ان يفتح الحقائب وذهب الى الشقه نفسها التي كان فيها الشيخ , واذا بها فارغه وصاحب العماره قال له انه قد غادر منذ ثلاثة ايام وانه لا يعرفه ولا يعرف اين ذهب , شعر والدي بالذهول والخيبه اين ذهب الشيخ واين اختفى , ولغاية تلك اللحظه لم يكن يشك بصدقه .
عاد والدي الى المنزل واخبرنا انه لم يجد الشيخ وقام فورا بفتح الغرفه واخراج الحقائب لفتحها وكان لا يزال عنده امل , وفور فتحنا للحقائب لم نجد سوى اوراق بيضاء على هيئة رزم . ولا شيء سوى الاوراق البيضاء في الحقائب الخمسه ولا يوجد دولار واحد , كاد والدي ان يصاب بجلطه وشعر بضيق شديد في صدره وبقي مكتئب لاكثر من شهرين وكل يوم يحاول الاتصال على رقم الشيخ ولكن هيهات , لقد فعلها هذا النصاب وهرب بفعلته والحمد لله رب العالمين ان والدي لم يبع منزلنا واكتفى بـ سبعة الاف دولار , واستغفر الله رب العالمين لي ولوالدي عن التعامل مع هذا الساحر النصاب المشرك بالله , وأسأل الله ان يغفر لنا جميعا , حيث الله وحده هو الرزاق وهؤلاء الكذابين ليس عندهم ذهب ولا كنوز ولا دفائن ولا دولارات ولو استطاعوا اخراجها لما لجأوا للناس البسطاء من اجل اخذ اموالهم , وانصح اخواني جميعا بالابتعاد عن ما يسمى بالشيوخ لانهم سحره ومشركين بالله وهو ذنب عظيم لا تستحق كنوز الارض كلها ان نشرك بالله من اجلها ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه , وسأل الله الرزق الحلال لاخواني جميعا وان لا يغتروا بالسحر والخداع البصري والتعامل مع الجن الذي يخدع الابصار احيانا ويريك ما هو العجب العجاب وان تكون هذه القصه توبة لله في شهر رمضان المبارك ودرس وعبره لنا جميعا .
قم بالاعجاب بصفحة المدونة على الفيس بوك لقراءة جديد القصص فور نشرها
رابط الصفحة على الفيس بوك :ـ
https://www.facebook.com/gold.treasures.stories/
يمنع نسخ القصص الوارده في المدونه ( جميع الحقوق محفوظه)
https://www.gold-treasures-stories.blogspot.com/
يمكنك الاشاره الى رابط المشاركه وليس النسخ الحرفي للنص
العقل زينه
ردحذف